Friday, March 1, 2024

رسالة من البرزخ


إلي دفتري الصغير...
سلام عليك يا صديقى..
أدرك تماما كم تغيبت عنك كل هذه المدة
ولكن يجب أن تعذرنى.
فللمرة الأولي من سنين..أقف جامدة أمامك.
حاولت أن اتواصل معك كثيرا، ولكن رفيقك كان يخوننى في كل مرة.
ترجيته أن يخط ولو حرف واحد علي صفحة من صفحاتك المغبرة ولكنه أبى
أردت أن أعاتبه..أن أعنفه على خذلانه لى
لكن لم أقوى
فأنا وأنت نعلم جيدا أن لا ذنب له
بل ذنبى أنا..
وذنب عقلى الذى فقدت السيطرة عليه

آه لو تراني الآن يا صديقي
لن تستطيع التفرقة بينى وبين خيال المآتة
أصبحت فارغة تماما مثلها
وقد لا أخيف من حولى، ولكني بلا شك أخيف نفسى

قد تتسائل أين أنا..
لقد رحلت يا عزيزى
لا..لم أمت. ليس بعد.
ولكن يكفى أن أخبرك أنى لم أعد جزءا من هذا العالم الفانى. أو على الأقل عقلى لم يعد كذلك.
أتذكر سرنا الصغير؟
كل العوالم التي خلقتها وأخفيتها داخل طياتك؟
ظللت سنين طويلة أحاول الفرار لأحد منها..
لا...
لا ترمقنى بهذه النظرة..
انت أكثر من يعلم أنى لا أنتمى لهذه الدنيا.
لقد زرعت في كل عالم موازى جزء من روحى.. ولم يتبقى منى شئ هنا.
وعلى كلٍ، لم يشفق على العالم هنا ويتركنى أرحل.
كل مرة كنت أوشك على احتضان عالم آخر، كان يسحبنى بشباكه المعقودة حول عنقى، ليعيدنى حيث كنت.
حتى أصبحت معلقة بين هنا وهناك.
لم أستطع الهروب ولم أقوى على الرجوع...

أعلم أنك تعتب علىّ أنى لما آتى وأبث أفكارى المريضة هذه على صفحاتك ككل مرة
ولكن هذه المرة مختلفة، فالشكوى فقط ليست كافية، وأعلم جيدا أنك لا تقدر على إنقاذى
لا أحد يقدر..

ولذلك أُعَجِل بالكتابة إليك الآن..
لا أعلم كم لدى من الوقت قبل أن تحترق آخر ذرة فى عقلى..
أكتب إليك وأسألك أن تحتفظ بهذه القطعة من روحي معك...فقط للذكرى
لا أستطيع أن أعدك بالرجوع...لا أريد ولا أقدر.
سأظل أحاول أن أصل للبر الثانى..حتى تتلاشى آخر آثار من روحى فى الطريق...

لا تنساني يا صديقى..
ولا تنسى حيواتنا معا..



No comments:

Post a Comment

Paralyzed

"She never felt like she belonged anywhere, except for when she was lying on her bed, pretending to be somewhere else." ~ Rainbow ...