Monday, June 3, 2024

فالتالية قاضية




 إلى قلبى اليافع..
اعتدت السلام عليك يا صديق..
ولكن هذه المرة لا تستحقه.
حاولت أن أحذرك مرة بعد مرة أنك لست أهل للقيادة، ولكنى للأسف أعرفك، وأعرف أن جموحك ليس له حدود.
ألم أقل لك أن هذا العالم به من القساوة ما يكفى أن يحولك إلى حطام؟
ألم أحذرك أن رقتك هذه لا تتماشى مع وحشية النفوس حولك؟
لم تصدقنى..
وأصررت على أخذ عنان الحياة بنفسك حتى انزلق السرج من بين أصابعك وأصابك في مقتل.

والآن..
أراك مختبئا وراء جدران هشة، تحاول أن تجمع ما يمكن إنقاذه من أشلائك المتناثرة..
وكل قطعة تقطر بعضا من الأحلام والآمال والذكريات، تبتلعها دوامة لا نهاية لها ولا بداية.
أراك تجرى كالمجنون، تحاول أن تعيد جمع خرقات بالية أطاحت بها اختياراتك حتي ضاعت ملامحها..
وأنا أقف بعيدا، أتحسر على نفسى، وأستعد لأدفع ثمن رعونتك بضربات من سوط القدر..

خدعوك فقالوا "الضربة التى لا تقتلك تجعلك أقوى".
أنا آتٍ من المستقبل لأقول لك أن الضربة التي لا تقتلك كفيلة بأن تطرحك أرضا لسنين طوال، قد لا تتعافى منها أبدا.
ويوم يحن عليك الزمان وتنهض مجددا، سترى هذه الندبة الصاعقة تحدق بك كلما اتخذت خطوة إلى الأمام.

احذر يا صديق..
فالتالية قاضية..

أأسف لك..
لعل هذه المرة تفهم لم كنت أحاول دائما أن أخبئك وراء ستار رفيقك الحكيم.
ونعم، أعلم أنه لا يكون فى أفضل حالاته دائما ولا يتخذ في كل مرة أحسن القرارات.
ولكنه أقوى منك بكثير..
وضربات القدر لا تطيح به مثلما تفعل معك. قد تعوجه قليلا، ولكنه مرن أكثر، وسرعان ما يعود لمساره من جديد.

أعذر حبك للمغامرة. فيالها من مغامرة.
ولكن..
كثرت أشلائك يا صديق، وكثرت بقاع دمائك المتخثرة في مختلف أركان هذا العالم الفانى.
ماذا تبقى فيك لتنجو؟
مجرد فتات..
آمل أن تكون كافية لنعبر بها إلى بر أمان.
لا يمكن أن نتحمل ضربة أخرى.
فستدوى آثارها لمدى أبعد من تخيلاتنا.
وبدلا من أن تحميك جدرانك الرقيقة، ستتحول إلى شظايا تذيب ما تبقى منك..للأبد

احذر يا صديق..
فالتالية قاضية..

لا بأس..
سنتعافى سويا..أنا وأنت.
سيتطلب الأمر مجهودا جبارا وقد نحتاج إلى تضحيات أكبر هذه المرة.
ولكن أعدك أنى لن أستسلم، ولن أتخلى عنك.
بالرغم من أن فكرة تركك حتى تتلاشى آخر بقاياك تلمع في عينى.
فأنا أعرف أن التخلص منك سيسهل أمورا كثيرة بالنسبة لى.
ولكن.. لا..
لن أفقد فيك الأمل..
سأظل أدعو أن تعود إلى رشدك وتتوقف عن قراراتك الحمقاء هذه.
سأظل أدعو ألا تكون سببا في عذابى مرة أخرى.
ولو أنى أعرف أن تحقق مثل هذه الأمانى أقرب ما يكون له من الخيال..
ولكن سأظل أدعو..
فأنا لا أملك إلا الدعاء..

سلام يا صديق..
أرجو ألا أضطر إلى مواجهتك مرة أخرى.

No comments:

Post a Comment

Paralyzed

"She never felt like she belonged anywhere, except for when she was lying on her bed, pretending to be somewhere else." ~ Rainbow ...